فإنه قد ظهر لي منك من حسن الخلق ما رغبني فيك، وإن لم تكن تلتمس إظهار ذلك: فإن العاقل لا يخفي فضله، وإن هو أخفاه؛ كالمسك الذي يكتم ثم لا يمنعه ذلك من النشر الطيب والأرج الفائح. قال الجرذ. إن أشد العداوة عداوة الجوهر: وهي عداوتان: منها ما هو متكافئ كعداوة الفيل والأسد. فإنه ربما قتل الأسد الفيل أو الفيل الأسد، ومنها ما قوَّته من أحد الجانبين على الآخر كعداوة ما بيني وبين السنور وبيني وبينك: فإن العداوة التي بيننا ليست تضرك، وإنما ضررها عائد عليَّ: فإن الماء لو أطيل إسخانه لم يمنعه ذلك من إطفائه النار إذا صب عليها، وإنما مصاحب العدوّ ومصالحه كصاحب الحية يحملها في كمه، والعاقل لا يستأنس إلى العدو الأريب.