وكان في المدينة رجل سفيه، فبلغه الخبر، فأتاهم وادعى علم الطب، وأعلمهم انه خبير بمعرفة أخلاط الأدوية والعقاقير، عارف بطبائع الأدوية المركبة والمفردة، فأمره الملك أن يدخل خزانة الأدوية فيأخذ من أخلاط الدواء حاجته، فلما دخل السفيه الخزانة، وعرضت عليه الأدوية، ولا يدري ما هي، ولا له بها معرفة، أخذ في جملة ما أخذ منها صرة فيها سمّ قاتل لوقته، وخلطه في الأدوية، ولا علم له به، ولا معرفة عنده بجنسه. فما تمت أخلاط الأدوية، سقى الجارية منه، فماتت لوقتها. فلما عرف الملك ذلك، دعا بالسفيه، فسقاه من ذلك الدواء، فمات من ساعته. وإنما ضربت لكم هذا المثل لتعلموا ما يدخل على القائل والعامل من الزلة بالشبه في الخروج عن الحد، فمن خرج منكم عن حده أصابه ما أصاب ذلك الجاهل، ونفسه الملومة. وقد قالت العلماء: ربما جزى المتكلم بقوله. والكلام بين أيديكم: فانظروا لأنفسكم.