قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف: قد سمعت هذا المثل.
فاضرب لي مثل الذي يدع صنعه الذي يليق به ويشاكله، ويطلب غيره فلا يدركه: فيبقى حيران متردداً.
قال الفيلسوف: زعموا أنه كان بأرض الكرخ ناسك عابدٌ مجتهدٌ.
فنزل به ضيفٌ ذات يومٍ، فدعا الناسك لضيفه بتمر: ليطرفه به.
فأكلا منه جميعاً.
ثم قال الضيف: ما أحلى هذا التمر وأطيبه! فليس هو في بلادي التي أسكنها، وليته كان فيها! ثم قال: أرى أن تساعدني على أن آخذ منه ما أغرسه في أرضنا: فإني لست عارفاً بثمار أرضكم، هذه ولا بمواضعها.
فقال له الناسك: ليس لك في ذلك راحة: فإن ذلك يثقل عليك.
ولعل ذلك لا يوافق أرضكم، مع أن بلادكم كثيرة الأثمار فما حاجتها مع كثرة ثمارها إلى التمر مَعَ وخامته وقلة موافقته للجسد؟ ثم قال له الناسك: إنه لا يعد حكيماً من طلب ما لا يجد.
وإنك سعيد الجدِّ إذا قنعت بالذي تجد، وزهدت فيها لا تجد.