قالت له: يا غافل ليحسن نظرك: فإن أخاف وكيل البحر أن يذهب بفراخنا.
فقال لها أفرخي مكانك: فإنه لا يفعل ذلك فقالت له: ما أشد تعنتك ! أما تذكر وعيده وتهديده إياك؟ ألا تعرف نفسك وقدرك؟ فأبى أن يطيعها.
فلما أكثرت عليه ولم يسمع قولها، قالت له: إن من لم يسمع قول الناصح يصيبه ما أصاب السلحفاة حين لم تسمع قول البطتين.
قال الذكر: وكيف كان ذلك؟ قالت الأنثى: زعموا أن غديراً كان عنده عشبٌ، وكان فيه بطتان وكان في الغدير سلحفاةٌ، بينها وبين البطتين مودةٌ وصداقةٌ.
فاتفق أن غيض ذلك الماء؛ فجاءت البطتان لوداع السلحفاة، وقالتا: السلام عليك فإننا ذاهبتان عن هذا المكان لأجل نقصان الماء عنه.
فقالت: إنما يبين نقصان الماء على مثلي: فإني كالسفينة لا أقدر على العيش إلا بالماء.
فأما أنتما فتقدران على العيش حيث كنتما.
فاذهبا بي معكما .
قالتا لها: نعم.